إيقاد الشعلة الأولمبية كان اللحظة الأكثر تأثيرا وتشويقا في العرض (رويترز)
في حفل ضخم دام نحو أربع ساعات وغلب عليه الخيال الجامح وروح الفكاهة واستلهم الأفكار الرمزية لفقراته من الشخصية البريطانية، افتتحت مساء الجمعة الدورة الثلاثون للألعاب الأولمبية الصيفية "لندن 2012" التي ستتواصل حتى 12 من الشهر المقبل.
وأعلنت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية افتتاح الألعاب الأولمبية قائلة "أعلن افتتاح ألعاب لندن للاحتفال بالأولمبياد الثلاثين في العصر الحديث".
وقبيل افتتاح الألعاب رسميا، قال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية البلجيكي جاك روغ إن الألعاب "عادت إلى مهدها"، وأضاف "بمعنى أو بآخر، تعود الألعاب إلى مهدها، هذا البلد العاشق للرياضة يعرف بأنه مهد الرياضة الحديثة".
وفي بداية العرض الافتتاحي، دق الدراج البريطاني برادلي ويغنز (32 عاما وأول بريطاني يحرز لقب دورة فرنسا) الجرس الأولمبي إيذانا بانطلاق فقرات حفل افتتاح الأولمبياد الذي سيتواصل حتى 12 من الشهر المقبل، بمشاركة أكثر من عشرة آلاف رياضي ورياضية يمثلون أكثر من مائتي دولة.
ولم يكن ويغنز أكثر من جذب الاهتمام في فقرات العرض الفني في هذا الحفل، فقد نجحت الملكة إليزابيث الثانية بصحبة جيمس بوند -"الجاسوس" الأشهر في العالم- في خطف الأضواء.
وبدعوة من بوند، هبطت الملكة إليزابيث الثانية -وهي في عمر السادسة والثمانين- بثوبها الزهري الأنيق فوق الملعب الأولمبي، بلمحة فنية تغص بروح الدعابة البريطانية، وفي لحظة جريئة من حفل الافتتاح.
وكان مخرج الحفل داني بويل وعد بـ"شيء مختلف"، وقد وفى بوعده بعدما ظهر الممثل دانيال كريغ الذي يلعب دور الجاسوس البريطاني المعروف في أفلامه برمز "007" يترجل من سيارة أجرة ويدخل قصر باكنغهام الملكي، ثم يقوم بجولة فوق المناطق الرئيسية للعاصمة بطائرة مروحية برفقة الملكة قبل التحليق فوق الملعب، فاختلط الواقع بالخيال، وهبطا بمظلتين بدتا وكأنهما تحملانه هو والملكة.
بعد ذلك، ظهرت الملكة وزوجها الأمير فيليب دوق إدنبره ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية البلجيكي جاك روغ في المقصورة الرئيسية للملعب الذي احتشد بثمانين ألف متفرج.
بداية العرض كانت بملامح الحياة البريطانية الريفية (غيتي)
مليار مشاهد
وجاءت الفقرات المثيرة والخلابة لتجذب أنظار متابعي الحفل الذين بلغ عددهم نحو 62 ألفا في المدرجات، إضافة لنحو مليار مشاهد تابعوا فعاليات الحفل أمام شاشات التلفزيون عبر العالم.
وتضمن الحفل عدة فقرات عن العديد من ملامح الحياة البريطانية على مدار حقب مختلفة، تابعها الجمهور الحاضر في المدرجات وعلى رأسه مجموعة من أبرز المشاهير، في مقدمتهم بعض أفراد العائلة الملكية في بريطانيا وبعض نجوم السينما والفن العالميين.
وكانت أيضا بين الحضور ميشيل أوباما عقيلة الرئيس الأميركي ورئيسة البرازيل ديلما روسيف ورئيسا الوزراء الروسي ديمتري مدفيدف والفرنسي جان مارك إيرول، والرؤساء الإيطالي جورجيو نابوليتانو، والتونسي منصف المرزوقي، والألماني يواخيم جاوك.
وجاءت البداية عبر الجرس الأولمبي ومشاهد من حياة الريف البريطاني، ثم تبعتها مشاهد مختلفة تشير للتاريخ والتراث البريطاني العريق، مثل الثورة الصناعية وخدمة الصحة المجانية، إضافة لفقرات تشير إلى بعض الأعمال الفنية مثل هاري بوتر وغيرها.
وبعدها تناولت فقرة أخرى فترة الثورة الصناعية المعتمدة على الحديد انتهت بصنع خمس حلقات معدنية ضخمة، رفعت بعد ذلك في سماء الملعب، والتحمت مع بعضها لتشكل الحلقات الخمس للعلم الأولمبي.
مستر بين أضفى جوا من الدعابة والمرح
على العرض (غيتي)
فقرات مرحة
وشهد الحفل المزيد من الفقرات المرحة عبر الممثل الكوميدي راون أتكينسون (مستر بين) الذي رافقته فرقة أوركسترا بقيادة السير سيمون راتل، وذلك في فقرة مزجت فيها مشاهد مصورة باستعراض كوميدي من الممثل الشهير، لترتسم الابتسامة على وجوه الجميع وتتعالى الضحكات في أرجاء الملعب.
ثم صدحت أغاني أشهر الفرق والمغنين البريطانيين عاكسة الثقافة الغنائية لبريطانيا وأشهر فرقها أمثال الرولينغ ستونز والبيتلز وغيرهما، قبل أن ينشد المغني الشهير بول ماكارتني الأغنية الختامية.
واستكملت فقرات حفل الافتتاح -الذي كلف 42 مليون دولار- بالموكب التقليدي لاستعراض بعثات الدول المشاركة في الدورة.
وشارك في طابور العرض العديد من الرياضيين المشاركين في الدورة والبالغ عددهم 10 آلاف و500 رياضي ورياضية، من 204 دول، يتنافسون على 302 ميدالية ذهبية في 26 رياضة.
يذكر أن الصين حصدت في أولمبياد بكين 100 ميدالية (51 ذهبية و21 فضية و28 برونزية) مقابل 110 ميداليات للولايات المتحدة (36 ذهبية و38 فضية و36 برونزية)، وجاءت روسيا ثالثة بـ72 ميدالية (23 ذهبية و21 فضية و28 برونزية).
وجاءت اللحظة الأكثر إثارة في العرض الافتتاحي عندما أوقد سبعة رياضيين بريطانيين شبان الشعلة الأولمبية. وأدخل الشعلة إلى أرض الملعب البطل الأولمبي في التجديف خمس مرات السير ستيف ريدغريف قبل أن يسلمها إلى الرياضيين الشبان.
ثم أطلق العنان للألعاب النارية التي أشعلت سماء الملعب الأولمبي ومدينة لندن أنوارا وأضواء إيذانا بانتهاء الحفل وانطلاق الألعاب.
ودخلت لندن تاريخ الألعاب الأولمبية الصيفية من أوسع الأبواب عندما أصبحت أول مدينة في العالم تستضيفها ثلاث مرات.
واستضافت لندن ألعاب 1908 أول مرة، بعد أن منحت روما عاصمة إيطاليا هذا الشرف أولا، بيد أن ثوران بركان فيسوفيو الشهير عام 1906 فتح المجال لمدينة الضباب بالدخول على خط الاستضافة.
تعليقات: (0) إضافة تعليق